فصل: أخبار ابن الليث بفارس.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.استيلاء المكتفي على مصر وانقراض دولة ابن طولون.

كان محمد بن سليمان من قواد بني طولون وكاتب جيشهم واستوحش منهم فلحق بالمعتضد وصرفوه في الخدم وكانت القرامطة عاثوا في بلاد الشام وحاصروا عامل بني طولون بدمشق وهو طغج بن جف وقتلوا قواده وسار المكتفي إليهم فنزل الرقة وبعث محمد بن سليمان لحربهم ومعه الحسن بن حمدان والعساكر وبنو شيبان فلقيهم قرب حماة فهزمهم واتبعهم إلى الكوفة وقبض في طريقه على أميرهم صاحب الشامة فبعث به إلى المكتفي فرجع إلى بغداد وخلف محمد بن سليمان في العساكر فتبعهم وأسر جماعة منهم وبينما هو يروم العود إلى بغداد جاءه كتاب بدر الحمامي مولى هرون بن خمارويه ومحمد فائق صاحب دمشق يستقدمانه إلى البلاد لعجز هرون عنها فأنهى ذلك محمد بن سليمان عند عوده إلى المكتفي فأعاده وأمده بالجنود والأموال وبعث دميانة غلام بازيار في الأسطول ليدخل من فوهة النيل ويحاصر مصر ولما وصل ودنا من مصر كاتب القواد وخرج إليه رئيسهم بدر الحمامي وتتابع منهم جماعة وبرز هرون لقتاله فحاربه أياما ثم وقعت بعض الأيام في عسكره هيعة ركب لها ليسكنها فأصابته حربه مات منها واجتمع أصحابه على عمه شيبان وبذل الأموال فقاتلوا معه ثم جاءهم كتاب محمد بن سليمان بالأمان فأجابوه وخالف شيبان إلى مصر فاستولى عليها واستأمن إليه شيبان سرا فأمنه ولحق به ثم قبض على بني طولون وحبسهم واستصفى أموالهم وذلك في صفر سنة اثنتين وتسعين وأمره المكتفي بإزالة آل طولون وأشياعهم من مصر والشام ففعل وسار بهم إلى بغداد وولى المكتفي على مصر عيسى النوشري وخرج عليه إبراهيم الخليجي من قواد بني طولون يخلف عن محمد بن سليمان فخلفه وكثر جمعه وسار النوشري إلى الإسكندرية عجزا عن مدافعته واستولى الخليجي على مصر وبعث المكتفي بالجنود مع فاتك مولى المعتضد وأحمد بن كيغلغ وبدر الحمامي من قواد بني طولون فوصلوا سنة ثلاث وتسعين وتقدم أحمد بن كيغلغ وجماعة من القواد فلقيهم قرب العريش فهزمهم وقوي الأمر وبلغ الخبر إلى المكتفي فعسكر ظاهر بغداد وانتهى مده إلى تكريت فلقيه كتاب فاتك في شعبان يذكر أنهم هزموا الخليجي بعد حروب متصلة وغنموا عسكره ثم هرب واختفى بفسطاط مصر وجاء من دل عليه فأمر المكتفي بحمله ومن معه إلى بغداد فبعثوا بهم وحبسوا.

.ابتداء دولة بني حمدان.

وفي سنة اثنتين وتسعين عقد المكتفي على الموصل وأعمالها لأبي الهيجاء عبد الله بن حمدان بن حمدون العدوي الثعلبي فقدمها أول المحرم وجاء الصريخ من نينوى بأن الأكراد الهدبانية ومقدمهم محمد بن سلال قد أغاروا على البلاد وعانوا فخرج في العساكر وعبر الجسر إلى الجانب الشرقي ولقيهم على الحارد فقاتلهم وقتل من قواد سليمان الحمداني ورجع عنهم وبعث إلى الخليفة يستمده فأبطأ عليه المدد إلى ربيع من سنة أربع فلما جاءه المدد سار إلى الهدبانية وهم مجتمعون في خمسة آلاف بيت فارتحلوا أمامه واعتصموا بحبل السلق المشرف على الزاب فحاصرهم وعرفوا حقه فخذله أميرهم محمد بن سلال بالمراسلة في الطاعة والرهن وحث أصحابه خلال ذلك المسير إلى أذربيجان واتبعهم أبو الهيجاء فلحقهم صاعدا إلى جبل القنديل فنال منهم وامتنعوا بذروته ورجع أبو الهيجاء عنهم فلحقوا بأذربيجان ووفد ابو الهيجاء على المكتفي فأنجده العسكر وعاد إلى الموصل ثم سار إلى الأكراد بحبل السلق فدخله وحاصرهم بقنته وطال حصارهم واشتد البرد وعدمت الأقوات وطلب محمد بن سلال النجاة بأهله وولده فنجا واستولى ابن حمدان على أموالهم وأهليهم وأمنهم ثم استأمن محمد بن سلال فأمنه وحضر عنده وأقام بالموصل وتتابع الأكراد الحميدية مستأمنين واستقام أمر أبي الهيجاء بالموصل ثم انتقض سنة إحدى وثلثمائة فبعث إليه المقتدر مؤنسا الخادم فجاء بنفسه مستأمنا ورجع إلى بغداد فقبله المقتدر وأكرمه وبقي ببغداد إلى أن انتقض أخوه الحسين بديار ربيعة سنة ثلاث وثلثمائة وسارت العساكر فجاؤا به أسيرا فحبس المقتدر عند ذلك أبا الهيجاء وأولاده وجمع إخوته بداره ثم أطلقهم سنة خمس وثلثمائة.

.أخبار ابن الليث بفارس.

قد تقدم لنا استقلال طاهر بن محمد بن عمرو بن الليث ببلاد فارس وأن المكتفي عقد له عليها سنة تسعين ثم إنه تشاغل باللهو والصيد وأعرض عن أمور ملكه ومضى في بعض الأيام إلى سجستان فوثب على فارس الليث بن علي بن الليث وسيكرى مولى عمرو بن الليث فاستوحش قوادهما يعرف بأبي قابوس وفارقهما إلى بغداد وأحسن المكتفي إليه ثم كتب إليه طاهر في رد أبي قابوس إليه ويحتسب له ما معه من أموال الجباية فأعرض الخليفة عن ذلك.